الطب النفسي

اضطراب الشخصية الحدية: الأسباب والأعراض والعلاج

ماهو اضطراب الشخصية الحدية Borderline Personality Disorder ؟

اضطراب الشخصية الحدية هو حالة من الاضطرابات النفسية تتميز بتقلبات شديدة في المزاج. فالأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب لديهم خوف شديد من أن يبقوا وحيدين ويواجهون مشاكل في التحكم بعواطفهم، وخاصة الغضب. كما أنهم يميلون إلى إظهار سلوكيات متهورة وخطيرة، مثل القيادة المتهورة وإيذاء الذات.
يصنّف هذا الاضطراب ضمن اضطرابات الشخصية “المجموعة B”، والتي تنطوي على سلوكيات جانحة  وطائشة. إن اضطرابات الشخصية هي أنماط سلوكية مختلّة مزمنة (طويلة الأجل) غير مرنة سائدة وتؤدي إلى قضايا اجتماعية وحالة من الضيق والانزعاج.
كثير من الأشخاص الذين يعيشون مع اضطراب الشخصية الحدية لا يعرفون أنهم يعانون منه وقد لا يدركون أن هناك طريقة أكثر صحة للتصرف مع الآخرين.

من يصاب باضطراب الشخصية الحدية؟

تبدأ معظم اضطرابات الشخصية في سنوات المراهقة عند تطور الشخصية ونضجها. نتيجة لذلك، فإن جميع الأشخاص المصابين هم فوق سن 18 تقريباً.
وعلى الرغم من إمكانية إصابة أي شخص باضطراب الشخصية الحدية، إلا أنه أكثر شيوعاً عند الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة باضطراب الشخصية الحدية، فالأشخاص الذين يعانون من حالات صحية عقلية أخرى مثل القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات في تنوال الطعام هم أيضاً أكثر عرضة للإصابة.
ما يقارب 75 ٪ من الأشخاص الذين تم تشخيصهم بهذا الاضطراب هم إناث. وتشير الأبحاث إلى أن الذكور قد يتأثرون بشكل متساوٍ، ولكن قد يتم تشخيصهم بشكل خاطئ باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) أو الاكتئاب.

ماهي أهم أعراض هذا الاضطراب؟

يؤثر اضطراب الشخصية الحدية على ما مشاعرك تجاه نفسك وكيف تتعامل مع الآخرين. قد تتضمن العلامات والأعراض ما يلي:

  • خوف شديد من الهجران، قد يصل إلى اتخاذ إجراءات متطرفة لتجنب الانفصال أو التعرض للرفض.
  • وجود نمط من العلاقات الغير مستقرة عاطفياً، كأن ترَ شخصاً ما مثالياً في لحظة ثم تجده فجأة قد فقد بريقه وأصبح لا يهتم بما فيه الكفاية أو أنه قاسي.
  • التغيرات السريعة والمفاجأة في الهوية الذاتية والصورة الذاتية، والتي تشمل تغيير الأهداف والقيم ورؤية نفسك كشخص سيئ أو كما لو كنت غير موجود على الإطلاق.
  • فترات من التوتر وفقدان الاتصال بالواقع تدوم من بضع دقائق إلى بضع ساعات.
  • السلوك المتهور والمحفوف بالمخاطر مثل: المقامرة أو القيادة المتهورة أو الجنس غير الآمن أو الإنفاق المفرط أو الإفراط في تناول الطعام أو تعاطي المخدرات أو الإقلاع المفاجئ عن وظيفة جيدة أو إنهاء علاقة إيجابية.
  • تقلبات مزاجية تستمر من بضع ساعات إلى عدة أيام، والتي يمكن أن تشمل السعادة المفرطة أو التهيج أو الخجل أو القلق.
  • الإحساس المستمر بالفراغ.
  • غضب شديد لا يتناسب مع الموقف، مثل فقدان أعصابك بشكل متكرر أو أن تكون ساخراً أو مريراً أو أن تفتعل شجاراً جسدياً.

هل يوجد مسببّات لاضطراب الشخصية الحدية؟

يعتقد مقدمو الرعاية الصحية أن اضطراب الشخصية الحدية ناتج عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك:

  1. إساءة معاملة الأطفال والصدمات النفسية: ما يصل إلى 70٪ من الأشخاص المصابين قد تعرضوا للإيذاء الجنسي أو العاطفي أو الجسدي عندما كانوا أطفالاً. كما يرتبط اهذا الاضطراب مع انفصال الوالدين وضعف ارتباط الأم بوليدها وغياب الحدود العائلية الطبيعية واضطراب تعاطي المخدرات من قبل الوالدين.
  2. علم الوراثة: تشير الدراسات إلى أن هذه الحالة ينتشر في العائلات. إذا كان لديك تاريخ عائلي من الإصابة، فمن المرجح أن تُصاب بهذه الحالة.
  3. تغيرات الدماغ: حيث أن أجزاء الدماغ لدى الأشخاص المصابين التي تتحكم في المشاعر والسلوك لا تتواصل بشكل صحيح. وبالتالي تؤثر هذه المشاكل على طريقة عمل عقولهم.

إذاً، هل يمكنني أن أقي نفسي من الاضطراب؟

لسوء الحظ، لا توجد طريقة للوقاية من اضطراب الشخصية الحدية.
فغالباً ما يكون الاضطراب وراثياً (ينتقل عبر العائلات)، مما يعني أن لديك خطراً متزايداً لتطور الحالة إذا كان لديك تاريخ عائلي من هذا الاضطراب. اطلب مشورة طبيبك عن كيفية التعرف على علامات الاضطراب حتى تتمكن من الحصول على العلاج في أقرب وقت ممكن.

ماهي مضاعفات اضطراب الشخصية الحدية؟

قد يؤثر اضطراب الشخصية الحدية بشكل خطير على قدرة الشخص على التأقلم والعمل في وظيفة أو في المدرسة. تشمل المشاكل الشائعة الأخرى التي تؤثر على الأشخاص المصابين بالاضطراب:

  • الإصابة باضطرابات مزاجية أخرى مثل القلق والاكتئاب واضطراب ثنائي القطب وتعاطي المخدرات واضطرابات الأكل والحالات النفسية الأخرى.
  • قد يكون الشخص قد دخل المستشفى بشكل متكرر بسبب محاولات الانتحار المتكررة وتشويه الذات والسلوكيات التخريبية.
  • يمكن أن يؤدي حتى إلى عقوبات متعددة بالسجن.

ما هي الأمراض الأخرى التي يمكن أن تتزامن مع اضطراب الشخصية الحدية؟

غالباً ما يتزامن اضطراب الشخصية الحدية مع أمراض عقلية أخرى مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). ويمكن أن تصعّب هذه الأمراض المتزامنة من التشخيص والعلاج بشكل صحيح، خاصةً عندما يكون للاضطرابات أعراض متداخلة.

لابدّ أنكم سألتم أنفسكم، ماهو الفرق بين اضطراب الشخصية الحدية واضطراب ثنائي القطب؟

يغطي الاضطراب ثنائي القطب مجموعة من الاضطرابات المزاجية التي تتميز بتغيرات كبيرة في المزاج. حيث يمكن أن تتراوح التغيرات في المزاج من الحالة الهوسية المرتفعة أو الهوسية الخفيفة إلى الحالة المزاجية المنخفضة والاكتئاب. من ناحية أخرى، فإن اضطراب الشخصية الحدية (BPD) هو اضطراب يتميز بعدم الاستقرار في السلوكيات والوظائف والمزاج والصورة الذاتية.

تتداخل العديد من الأعراض مابين الاضطرابين. هذا هو الحال بشكل خاص مع النوع الأول من الاضطراب ثنائي القطب، والذي يتضمن نوبات هوس شديدة. تشمل بعض الأعراضالمتداخلة بين الاضطرابين ما يلي:

  • ردود فعل عاطفية شديدة أو حتى متطرفة.
  • اندفاعات طائشة.
  • سلوكيات انتحارية.

قد يجادل البعض بأن اضطراب الشخصية الحدية هو جزء من الطيف ثنائي القطب. ومع ذلك، يعتقد أغلب الخبراء على أن الاضطرابين منفصلين.

كيف يتم علاج اضطراب الشخصية الحدية؟

يعاني العديد من الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الحدية من أعراض أقل وتحسن في الأداء وتحسن في نوعية الحياة مع العلاج القائم على الأدلة. من المهم للأشخاص الذين يعانون من الاضطراب تلقي العلاج من أخصائي الصحة العقلية المرخص.
قد يستغرق الأمر وقتاً حتى تتحسن الأعراض بعد بدء العلاج. لذلك يجب على المريض التحلي بالصبر والالتزام بخطة العلاج وطلب الدعم أثناء العلاج.
قد يحتاج بعض الأشخاص إلى رعاية مكثفة، وغالباً ما تكون داخل المستشفى للتعامل مع الأعراض الشديدة، بينما قد يتمكن آخرون من إدارة أعراضهم بشكل أسهل.

 

  • العلاج النفسي:

العلاج النفسي (يسمى أحياناً العلاج بالكلام) هو العلاج الرئيسي للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية. يحدث معظم العلاج النفسي مع أخصائي صحة عقلية مدرب ومُرخص في جلسات فردية أو مع أشخاص آخرين في أماكن جماعية. يمكن أن تساعد الجلسات الجماعية الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب على تعلم كيفية التفاعل مع الآخرين والتعبير عن أنفسهم بشكل فعال.

تم تطوير العلاج السلوكي الجدلي (DBT) خصيصاً للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية. يعلّم DBT أيضاً مهارات لمساعدة الأشخاص على إدارة المشاعر الشديدة وتقليل السلوكيات المدمرة للذات وتحسين العلاقات. كما يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية على تحديد وتغيير المعتقدات والسلوكيات الأساسية التي تأتي من التصورات غير الدقيقة والمشاكل التي تتفاعل مع الآخرين. قد يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص على تقليل التقلبات المزاجية وأعراض القلق وقد يقلل من عدد سلوكيات إيذاء النفس أو الانتحار.

  • الأدوية:

فوائد الأدوية غير واضحة ولا تستخدم عادةً كعلاج رئيسي للمرض. لكن في بعض الحالات، قد يقترح الطبيب أدوية لعلاج أعراض معينة أو اضطرابات نفسية متوافقة مثل تقلب المزاج أو الاكتئاب. قد يتطلب العلاج بالأدوية رعاية منسقة بين العديد من مقدمي الرعاية الصحية. يمكن أن تسبب الأدوية أحياناً آثاراً جانبية لدى بعض الأشخاص.

  • العلاج لأفراد العائلة:

هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد مدى فعالية العلاج الأسري في علاج اضطراب الشخصية الحدية. تُظهر الدراسات التي أُجريت على الاضطرابات العقلية الأخرى أن تضمين أفراد الأسرة يمكن أن يساعد في دعم العلاج.

للاطلاع على المنتجات الطبية الخاصة بنا يمكنك زيارة القسم الخاص بالمنتجات من هنا.

لطلب أي منتج الرجاء التواصل على صفحة ال Instagram الخاصة بالموقع أو من خلال ترك تعليق على المقال الخاص بالمنتج.

يمكنك قراءة المزيد من المقالات الطبية وآخر ماتوصل إليه العلم والطب من هنا.

يمكنك التواصل معنا ومشاركة آرائك من هنا.

المصادر:

زر الذهاب إلى الأعلى