أمراض

الجذام (داء هنسن): الأسباب، الأعراض، وسبل العلاج.

أثار الجذام في جميع الثقافات عبر التاريخ الرهبة والبغضاء من احتمالية الإصابة بمرض عضال والمعاناة من حياة يسيطر عليها التشوّه التدريجي. ففي وقت من الأوقات، تم نبذ “المجذومين” -كما كان يُطلق عليهم منذ فترة طويلة- لكونهم غير نظيفين، وتم تجميعهم في “مستعمرات الجذام” المنعزلة من أجل إبقائهم بعيداً عن الأنظار والسيطرة على العدوى وفي هذه المستعمرات تم منحهم القليل من العلاج المتاح. في الواقع، إن عصيّة الجذام ليست شديدة العدوى، وفي معظم الحالات لا تنتقل من شخص إلى آخر إلا بعد اتصال طويل وقريب (كما هو الحال على سبيل المثال بين أفراد الأسرة). إضافة إلى ذلك، بفضل العلاج الحديث بعدد من الأدوية الفعالة، أصبح المرض الآن قابلاً للشفاء تماماً، ومصطلح المجذوم الذي يشير إلى شخص كان مصاباً بالمرض وسيظل دائماً مصاباً به لم يعد له معنى. وفي الواقع، يعتبر هذا المصطلح مسيئاً بسبب وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بالمرض منذ فترة طويلة.

ماهو الجذام (مرض هنسن)؟

الجذام، أو مرض هنسن، هو عدوى مزمنة تسببها بكتيريا المتفطرة الجذامية. (وهي بكتيريا قريبة من البكتريا التي تسبب مرض السل) فهذا المرض القديم، الذي يصيب الجلد والأعصاب وبطانات العين والجهاز التنفسي العلوي، موصوف في بعض الكتابات البشرية الأولى (بما في ذلك العهد القديم)، و تم التعرف عليه وراثياً في بقايا أثرية تعود إلى عام 2000 قبل الميلاد.

هل كنت تعلم؟

المتفطرة الجذامية، الكائن الحي المسؤول عن الجذام، هو أحد أقارب المتفطرة السلية (العصية التي تسبب مرض السل). افترض العلماء أن عصية الجذام تدخل الجسم من خلال شق في الجلد أو من خلال الأغشية المخاطية للأنف، ويمكن أن ينتقل المرض من شخص لآخر عن طريق الاتصال الوثيق لفترة طويلة. ولكن حتى اليوم، لا يزال العلماء غير متأكدين من الآلية الدقيقة، ولا يزال الكثير عن الجذام غامضاً -على الأقل جزئياً- لأن العصيات لم تزرع أبداً في زراعة الأنسجة ولأن الأدوات الوحيدة لدراسة انتقالها كانت عدداً محدوداً من النماذج الحيوانية، على رأسها الأرماديللو والفئران.

الانتقال:

ينتقل المرض من خلال قطرات الأنف والفم. ومن المهم حدوث اتصال وثيق مطول على مدى أشهر متواصلة مع شخص مصاب بالجذام غير المعالج للإصابة بالمرض. فلا ينتشر المرض من خلال الاتصال العرضي العابر مع شخص مصاب بالجذام مثل المصافحة أو العناق أو مشاركة الوجبات أو الجلوس بجوار بعضهما البعض. علاوةً على ذلك، يتوقف المريض عن نقل المرض عندما يبدأ العلاج.

ماهي أعراض الجذام؟

العرض الرئيسي للجذام هو الآفات الجلدية، يتمثل العرض الرئيسي للجذام في تشوه القرحات أو الكتل أو النتوءات الجلدية التي لا تزول بعد عدة أسابيع أو أشهر، وتكون التقرحات شاحبة اللون. في حين تعود الآثار الأخرى للجذام إلى تأثيره على الجهاز العصبي للجسم، حيث يؤثر على الجهاز العصبي المحيطي (PNS) (الأعصاب الحسية والحركية واللاإرادية) عن طريق:

  • تلف الأعصاب الحسية: لا يمكن الشعور بالألم عند تلف الأعصاب الحسية. وهذا ما يجعل أطراف اليدين والقدمين عرضة للحروق والإصابات التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان للأصابع في الحالات الشديدة.
  • تلف أعصاب العين: حيث يمكن أن يؤدي ذلك للعمى، خاصة إذا كان الشخص لا يعرف كيفية منع الإصابة بسبب الغبار أو المهيجات الأخرى.
  • تلف الأعصاب الحركية: يمكن أن تحدث أشكال مختلفة من الشلل مثل “سقوط القدم” أو “سقوط الرسغ” أو “يد المخلب” أو lagophthalmos (حيث لا يمكن للعين أن تغلق) عند إصابة الأعصاب الحركية.
  • تلف الأعصاب اللاإرادي: تنظم الأعصاب اللاإرادية وظائف الجهاز العصبي المحيطي مثل ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والتعرق وإفراغ الأمعاء والمثانة والهضم. وبالتالي يمكن أن يتسبب تلف الأعصاب اللاإرادية في تساقط الشعر ويمكن أن يؤثر على القدرة على التعرق مما يترك الجلد جافاً ومتشققاً ومعرضاً لعدوى ثانوية.

مفاهيم خاطئة عن الجذام:

الخرافة: من السهل للغاية انتشار مرض الجذام. في الماضي، أدت هذه الأسطورة إلى عزل المصابين بالجذام في “مستعمرات الجذام” التي فرضت الحجر الصحي على مجتمعات بأكملها من المصابين بالعدوى.
الحقائق: حوالي 95٪ من الناس لديهم مناعة طبيعية ضد مرض الجذام. ونظراً لأن انتشار العدوى بين الأشخاص يتطلب اتصالاً وثيقاً وطويلاً، فهي ليست معدية مثل العديد من أنواع العدوى الأخرى. لذلك لا ينتشر بسهولة عن طريق التواجد في غرفة مع شخص مصاب أو عن طريق اللمس. وفي غضون أسبوع واحد من العلاج، لم يعود الشخص المصاب بالجذام معدياً. نتيجة لذلك، فإن العزلة عن الآخرين غير ضرورية.

الخرافة: يتسبب الجذام في سقوط أجزاء من الجسم مثل الأصابع أو الأذنين أو الأنف.
الحقائق: أجزاء الجسم لا تسقط. لكن في بعض الأحيان تكون هناك حاجة إلى عمليات بتر جراحية لعلاج الجروح والالتهابات التي لا تلتئم، وهذا من مضاعفات تلف الأعصاب طويل الأمد المرتبط بالجذام.

الخرافة: لا يوجد علاج للجذام.
الحقائق: هنالك مضادات حيوية فعالة للجذام. فلعلاج العدوى، قد يحتاج الأشخاص إلى تناول مجموعة من المضادات الحيوية المختلفة لمدة عام أو أكثر.

كيف يتم التشخيص؟

سيُجري الطبيب فحصاً جسدياً للبحث عن علامات المرض وأعراضه. حيث سيقوم أيضاً بإجراء خزعة يزيل فيها قطعة صغيرة من الجلد أو العصب ويرسلها إلى المختبر للاختبار.
قد يقوم الطبيب أيضاً بإجراء اختبار جلد ليبرومين لتحديد شكل مرض هانسن. فيحقن كمية صغيرة من بكتيريا هانسن المسببة للأمراض (والتي تم تعطيل نشاطها) في الجلد، عادةً في الجزء العلوي من الساعد.
ونلاحظ أن الأشخاص المصابين بمرض السل أو مرض هانسن الحدودي سيختبرون نتيجة إيجابية في موقع الحقن.

ماهي المضاعفات المحتملة لمرض الجذام؟

يمكن أن يؤدي التشخيص والعلاج المتأخران إلى مضاعفات خطيرة يمكن أن تضم:

  • التشوّه.
  • تساقط الشعر وخاصة شعر الحاجبين والرموش.
  • ضعف العضلات.
  • تلف دائم في أعصاب الذراعين والساقين وبالتالي عدم القدرة على استخدام اليدين والقدمين.
  • احتقان الأنف المزمن ونزيف الأنف وانهيار الحاجز الأنفي.
  • التهاب قزحية العين.
  • الجلوكوما، وهو مرض يصيب العين ويؤدي إلى تلف العصب البصري.
  • العمى.
  • ضعف الانتصاب.
  • العقم.
  • فشل كلوي.

كيف يتم علاج الجذام؟

طورت منظمة الصحة العالمية علاجاً متعدد الأدوية في عام 1995 لعلاج جميع أنواع مرض هنسن، وهو متاح مجاناً في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، تعالج العديد من المضادات الحيوية مرض هنسن عن طريق قتل البكتيريا المسببة له. تشمل هذه المضادات الحيوية:

  1. دابسون (أكزون).
  2. ريفامبين (ريفادين).
  3. كلوفازيمين (لامبرين).
  4. مينوسيكلين (مينوسين).
  5. أوفلوكساسين (أوكوفلوكس).

من المحتمل أن يصف الطبيب أكثر من مضاد حيوي واحد في نفس الوقت.
قد يكون من الضروري أيضاً تناول دواء مضاد للالتهابات مثل الأسبرين (باير) أو بريدنيزون (وهو المستخدم في علاج أمراض المناعة الذاتية كالتصلب المتعدد) أو الثاليدومايد (ثالوميد). وسيستمر العلاج لأشهر وربما يصل إلى عام إلى عامين.

كيف يمكنني أن أقي نفسي من العدوى؟

أفضل طريقة للوقاية من مرض هنسن هي تجنب الاتصال الوثيق طويل المدى مع شخص غير معالج مصاب بالعدوى.

المصادر:

 

زر الذهاب إلى الأعلى