الطب النفسي

الدوافع والأسباب وراء المازوخية: نظرة عميقة في عالم الألم واللذة.

ما هي المازوخية؟

يكتسب الفرد المازوخي المتعة من التعرض للأشكال المختلفة من الألم، ويمكن أن يتضمن ذلك اكتساب المتعة الجنسية من خلال الألم أو العقوبة، ولكن قد يشير ذلك أيضاً إلى ممارسة المازوخيين للأنشطة التي تسبب الضيق أو عدم الراحة أو الألم للاستمتاع بها.
ترتبط المازوخية بـمصطلح BDSM، وهو اختصار للممارسات الجنسية التي تتضمن العبودية والهيمنة والخضوع والسادية المازوخية، فيختبر المازوخي الجنسي المتعة الجنسية رداً على الألم أو الإنكار أو الإذلال الذي يتعرض له.
ومع ذلك، يمكن أن تنطبق المازوخية أيضاً على سلوكيات أكثر عمومية، ففي مثل هذه الحالات، قد ينخرط المازوخي في أفعال أو يقبل معاملة مؤذية أو مهينة أو حتى مؤلمة من الآخرين.
ظهر مصطلح “المازوخية” ومصطلح “السادية” لأول مرة في كتاب ريتشارد كرافت إيبينج المرجعي للطب الشرعي عام 1886 “اعتلال نفسي جنسي”. وعادةً مايظهر هذا السلوك المازوخي الجنسي في بداية البلوغ، ويبدأ بتصرفات وممارسات مازوخية منذ الطفولة.

المازوخية والسادية، وجهان لعملة واحدة:

إن السبب وراء قيام سيغموند فرويد، ولاحقاً سادجر(محلل نفسي نمساوي)، بربط السادية والمازوخية معاً على أنهما وجهان لعملة واحدة. ورغم هذا الربط، فإن هذين المصطلحين يحملان معاني مختلفة تماماً:

  • السادي هو الشخص الذي يحصل على الإشباع الجنسي من إيذاء الآخرين أو يستمتع بكونه قاسياً ومهيناً.
  • أما المازوخي فهو الذي يجد متعةً في الألم النفسي أو الجسدي.

أنماط المازوخية:

عند ذكر مصطلح المازوخية، غالباً ما يتبادر إلى الأذهان المازوخية الجنسية. ولكن في الحقيقة توجد أشكال أخرى غير جنسية للمازوخية وصفها سيغموند فرويد وهي كالآتي:

  1. المازوخية المثيرة (الجنسية).
  2. المازوخية النفسية.
  3. الأخلاقية.
  4. اقترح باحثون آخرون إضافة نوع رابع يعرف باسم المازوخية التكيفية.

المازوخية الجنسية:

أشار فرويد إلى هذا النوع من المازوخية بالمازوخية المثيرة، فهو ينطوي على إيجاد المتعة الجنسية في الشعور بالألم.

المازوخية النفسية:

هذا النوع من المازوخية غير الجنسية يتضمن اكتساب المتعة من الشعور بالألم النفسي. و يمكن أن يكون هذا الألم قادماً من الذات أو من الآخرين.

المازوخية الأخلاقية:

هذا شكل من أشكال المازوخية الذي ينطوي على التذرع بالمعاناة للتخفيف من الشعور بالذنب. كما يمكن أن ينطوي على العقاب الذاتي وقد يمثل شكلاً من أشكال الشعور بالذنب، ويمكن أن يشمل أيضاً التضحية بالنفس أو الإيثار الاجتماعي المفرط.

المازوخية التكيفية:

يتضمن هذا النوع الحصول على المتعة من فترات مؤقتة من الألم أو عدم الراحة التي تؤدي في النهاية إلى تأخر الإشباع. على سبيل المثال، قد يحتفظ شخص ما بمكافأة أسعدته للاستمتاع بها لاحقاً لأنه يستمتع بعذاب الترقب والانتظار.

وجدت مراجعة منهجية واحدة عام 2018 أن المازوخية المرتبطة بتثبيط الإشباع (أي المازوخية التكيفية) كانت الشكل الصحي الأكثر من بين الأنواع الأخرى.

كيف تعرف أن الشخص مازوخي؟

إن الطريقة الوحيدة لتعرف أن شخصاً ما على أنه مازوخي هي أن يخبرك بطريقة مباشرة أنه يسيتمتع بالمازوخية. ولكن عندما يتعلق الأمر بسلوك مازوخي عام، فقد تكون قادراً على اكتشاف علامات تدل على أن شخصاً ما تعرفه مازوخي. تشمل بعض المؤشرات المحتملة ما يلي:

  • البحث عن المواقف التي تنطوي على التضحية بالنفس: قد يضع الأشخاص المازوخيون أنفسهم في مواقف يتعين عليهم فيها وضع احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهم إلى درجة المعاناة.
  • رفض طلب المساعدة عند التعامل مع المواقف المؤلمة أو الصعبة: فعند مواجهة موقف صعب أو مؤلم، قد يختار المازوخي تحمل الألم بدلاً من طلب المساعدة من الآخرين.
  • الانخراط في علاقات مع أشخاص مستبدين أو نرجسيين: قد يجد المازوخيون أنفسهم في علاقات مع أشخاص مهيمنين أو مهتمين فقط بأنفسهم، فيتحملون الإهانة والمذلّة والإهمال والتلاعب من شركائهم العاطفيين.
  • الافتقار إلى الحزم: غالباً ما يتكيف المازوخيون إلى الحد الذي يجعلهم خاضعين، فعندما يستغلهم الناس، نادراً ما يقاوم الشخص المازوخي أو يدافع عن نفسه.
  • الكمالية: غالباً ما يسعى الأشخاص الذين يتطلعون إلى الكمال إلى وضع أهداف مستحيلة التحقيق، وعندما يفشلون في تلبية هذه التوقعات التي فرضوها على أنفسهم، يقومون بمعاقبة أنفسهم على إخفاقاتهم.
  • الافتقار إلى رعاية الذات والاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة والأفراح اليومية: غالباً ما يكون إنكار الذات علامة على المازوخية. وقد يتجاهل المازوخيون احتياجاتهم لدرجة الألم أو يستمتعون بحرمان أنفسهم من الأشياء التي يحبونها.
  • التحدث إلى الذات بطريقة سلبية: النقد الذاتي المستمر والحديث الذاتي السلبي يمكن أن يدل في بعض الأحيان على المازوخية. لا يبذل المازوخي أي جهد لتغيير أو دحض هذا الحديث الذاتي الجارح.
  • جلد الذات: يميل المازوخيون أيضاً إلى تخريب فرصهم في النجاح، حيث يرتبط ذلك أحياناً بالخوف من النجاح، إلا أن بعض الناس قد يستمدون السعادة من هزيمتهم. وعندما تسير الأمور على ما يرام، قد يجد الشخص المازوخي طريقة لجلد ذاته حتى يشعر بخيبة الأمل أو البؤس.

الأسباب:

لا توجد نظرية مقبولة عالمياً تشرح سبب المازوخية الجنسية. ومع ذلك، فقد تم تقديم العديد من الأفكار حول هذا الموضوع، ومنها:

تشير إحدى النظريات إلى أن مثل هذا النوع من الاضطرابات ينشأ عندما يُحظر الشخص من التخيلات الجنسية الغير اللائقة، وبالتالي تصبح أقوى عندما يتم قمعها فتؤدي في وقت لاحق إلى مثل هذه الاضطرابات.

تقترح نظرية أخرى على أن هذا السلوك السادي المازوخي هو ليس إلا شكل من أشكال الهروب من أفكار الذات، حيث يسمح فيه للممارس بالشعور بالتجدد والاختلاف.

تشير نظرية أخرى إلى أن صدمات الطفولة، مثل الاعتداء الجنسي، يمكن أن تظهر لاحقاً على شكل اضطرابات جنسية نفسية.

العلاج:

عادة ما يتضمن العلاج العلاج النفسي و بعض الأدوية التي يمكن أن تقلل من الدافع الجنسي لدى الفرد المصاب، فقد يكون الهدف من العلاج النفسي هو الكشف عن السبب الكامن وراء السلوك المازوخي والعمل على معالجته.

تشمل العلاجات المعرفية إعادة هيكلة التشوهات المعرفية لدى الشخص المازوخي وتتضمن إعادة هيكلة هذه التشوهات تصحيح أي معتقدات لدى المريض قد تدفعه إلى التصرف بناءً على أفكار ضارة.

يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي الفرد أيضاً على تعلم مهارات معينة لإدارة دوافعه الجنسية بطرق صحية، حيث تشمل الاستراتيجيات الشائعة الأخرى العلاج بالنفور وتقنيات التخيل (إزالة التحسس)، حيث يتخيل الأفراد المصابون أنفسهم في مواقف معينة يشاركون فيها في المازوخية الجنسية، ثم يواجهون حدثاً سلبياً من شأنه تقليل الرغبة المستقبلية في المشاركة في هذا النشاط مرة أخرى.

يُعتقد أن التقدم في العمر يقلل من الأعراض والرغبات المازوخية الجنسية، كما هو الحال مع الاضطرابات الجنسية الأخرى.
كما يمكن أيضاً استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب مثل دواء سيبراليكس من أجل تقليل الدافع الجنسي لدى الشخص وبالتالي الابتعاد قدر الغمكان عن الأفكار المازوخية وخاصة الجنسية.

المصادر:

 

زر الذهاب إلى الأعلى