الجهاز الحوفي والعواطف: كيف يؤثر على اتخاذ القرارات والسلوك البشري؟
تلعب الغرائز دوراً جوهرياً في تحديد مسار سلوكنا، ولطالما اعتبرت الركيزة التي كان يسير وفقها الإنسان القديم. من البحث عن طعامه وشرابه وشريك للزواج إلى اللوذ بالفرار أو مواجهة الخطر والألم النفسي. تعرّف معنا على الجهاز الحوفي، أجزاء الدماغ القديم الكامنة وراء التعبير السلوكي والعاطفي والمسؤولة عن تنظيم الانفعالات والغرائز.
ما هو الجهاز الحوفي؟
الجهاز الحوفي هو الجزء من الدماغ (من القشرة العريقة تحديداً) المسؤول عن استجاباتنا السلوكية والعاطفية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالسلوكيات التي نحتاجها للبقاء على قيد الحياة مثل الأكل والتكاثر والعناية بالأطفال والاستجابة للهروب أو المواجهة. يمكن العثور على بنية الجهاز الحوفي على حافة القسم الداخلي للدماغ ولذلك سمّي حوفياً، وبشكل أكثر دقة، يوجد الجهاز الحوفي تحت القشرة الدماغية وفوق جذع الدماغ.
ماذا نقصد بالقشرة العريقة؟
في الحقيقة تقسم القشرة الدماغية إلى قسمين:
- القشرة الحديثة neocortex حيث توجد الباحات الوظيفية.
- القشرة العريقة allocortex التي تشكل الجهاز الحوفي، والتي تقسم بدورها إلى قشرة قديمة paleocortex وقشرة بدائية archiocortex.
ممَ يتألف الجهاز الحوفي؟
يتألف الجهاز الحوفي تشريحياً من:
- التلفيف الحزامي cingulate gyrus.
- التلفيف المجاور لحصان البحر Para hippocampal gyrus.
- التشكيل الحصاني hippocampal formation.
- الجسم اللوزي amygdaloid body.
- الجسم الحلمي Mamillary body.
- النواة الأمامية للمهاد Anterior nucleus of thalamus.
دعونا نتوسّع في الحديث عن التشكيل الحصاني وأجزائه ودور كل منها.
يختصّ التشكيل الحصاني في التعلم والذاكرة وتمييز المعلومات الحديثة ويتألف من:
- التلفيف المسنن Dentate gyrus.
- المرفد Subiculum.
- حصان البحر (الحصين) Hippocampus.
حصان البحر (قرن آمون) Hippocampus:
يقع الحصين في الفص الصدغي الإنسي للدماغ، بالقرب من مركز الدماغ. حصل الحصين على اسمه من شكله، كونه الاسم اللاتيني لفرس البحر. وهو بنية معقدة تلعب دوراً في الذاكرة والتعلم والحركة كما أنه يساهم في السلوك العاطفي. يشارك الحُصين في تخزين الذاكرة طويلة المدى، والتي تتضمن جميع المعارف والخبرات السابقة، لكنّ العلماء غير متأكدّون بالضبط كيف يحدث هذا.
لا تُخزَّن الذكريات في الحُصين، بل تُنظَّم التجارب المعرفية والحسية في ذاكرة طويلة المدى. عندما تواجه شيئًا ما، مثل لمس شيء ساخن لأول مرة، يتعلّم الحُصين المدخلات الحسية فيما يتعلق بالتجربة ثم يعيد تشغيل الذاكرة مراراً وتكراراً إلى القشرة الدماغية لتكوين ذاكرة طويلة المدى في عملية تسمى تدعيم الذاكرة.
فكّر في الأمر على أنه طريقة الحصين لتعليم القشرة الدماغية. ويستمر توطيد الذاكرة حتى يتم تكوين ذاكرة طويلة المدى، والتي سيتم الاحتفاظ بها في واحدة من مناطق القشرة المختلفة (توجد ذكريات مختلفة في مناطق مختلفة).
يبدو أن الحُصين يلعب دوراً رئيسياً في الذاكرة التقريرية، وهي الذاكرة التي تتضمن أشياء يمكن تذكرها عن قصد، مثل الحقائق أو الأحداث. ولا يتدخل الحُصين في الذاكرة قصيرة المدى وأنواع الذاكرة الإجرائية (ذاكرة لكيفية القيام بالأفعال الحركية مثل المشي). حيث يتم التعامل مع هذه الذاكرة في المقام الأول من قبل القشرة والمخيخ.
يسبب الاستئصال ثنائي الجانب للحصين فقدان القدرة على تشكيل ذكريات حديثة طويلة الأمد مع الاحتفاظ بالذكريات القديمة.
اللوزة Amygdala:
تلعب اللوزة دوراً كبيراً في العمل كحلقة وصل بين الحافز وكيفية تفاعلك مع هذا التحفيز، وتكون قادرة على تواسط الاستجابات العاطفية المناسبة في المسؤولة أولاً وأخيراً عن إنتاج النواقل العصبية المتداخلة مع الالم النفسي من خلال تلقّي المعلومات التي عالجتها الحواس الخمس (العينين والجلد واللسان وما إلى ذلك). على سبيل المثال ، عندما يكون لديك حساسية من الشوكولاتة، فإن رائحتها ستثير اشمئزازك.
تذهب مخرجات اللوزة إما إلى الوطاء أو إلى قشرة الفص الجبهي، حيث تؤثر المخرجات التي تذهب إلى الوطاء على الأنظمة الحشوية والجسدية الحركية. ومن خلال هذه الروابط، قد تؤدي الاستجابة العاطفية لشيء ما إلى إصابتك بالقشعريرة، أو تسرع دقات قلبك، أو حتى التسبب في التقيؤ!
تتضمن المخرجات المتجهة إلى قشرة الفص الجبهي استجابات واعية، مثل إخبار شخص ما أنك تحبه أو التحكم في غضبك.
ارتبطت اللوزة بالعديد من الأمراض، لا سيما الأمراض العصبية والنفسية. وأظهرت العديد من الدراسات آثارها على مرض الاكتئاب.
التلفيف الحزامي cingulate gyrus:
هل سبق لك أن كنت متحمساً لشيء حتى درجة التلويح بيديك؟ أو كنت غاضباً جداً وحولت كفّيك إلى قبضتين؟
إن التلفيف الحزامي بشكله الذي يشبه القوس يلعب دوراً أساسياً في في الإيماءات.
التلفيف هو طية في الدماغ تعمل على زيادة مساحة سطح الدماغ، والذي بدوره يزيد من عدد الخلايا العصبية، وكذلك المادة الرمادية. وهنالك العديد من التلافيف التي تتفاعل مع الجهاز الحوفي والدماغ ككل.
يحتوي التلفيف الأولي (التلفيف الخلفي للفص الجبهي) على القشرة الحركية الأولية ويتحكم في الحركات الدقيقة للعضلات الهيكلية. أما التلفيف اللاحق المركزي (التلفيف الأمامي للفص الجداري) فيحتوي على القشرة الحسية الجسدية الأولية وهو مسؤول عن التمييز المكاني (التعرف على جزء الجسم الذي يتم تحفيزه).
في الآونة الأخيرة، أصبح التلفيف الحزامي موضوع العديد من الدراسات الإدراكية والعصبية. وقد ثبت تورطه في مرض الزهايمر واضطرابات القلق والإدمان والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب.
الخاتمة:
قد يبدو التفكير بغرائزنا وانفعالاتنا، ذكرياتنا وعاطفتنا أمراً يسهل تكراره خلال يومنا، لكن ما نملكه من معلومات عن هذا كلّه لا يكشف إلّا طرف خيطٍ رفيع، نمسكه ويقودنا إلى المعرفة أو إلى المجهول، والذي يكشف بدوره عن مزيد من المعرفة أو المجهول، وسرعان ما تتشكل لدينا لوحةٌ مبهرة التفاصيل لا تلبث تزداد إبهاراً مع كلّ طرف خيطٍ جديد.
المصادر:
- https://www.kenhub.com/en/library/anatomy/cingulate-gyrus
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK537102/
- https://qbi.uq.edu.au/brain/brain-anatomy/limbic-system
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2917081/
- https://www.webmd.com/brain/limbic-system-what-to-know
للاطلاع على المنتجات الطبية الخاصة بنا يمكنك زيارة القسم الخاص بالمنتجات من هنا.
لطلب أي منتج الرجاء التواصل على صفحة ال Instagram الخاصة بالموقع أو من خلال ترك تعليق على المقال الخاص بالمنتج.
يمكنك قراءة المزيد من المقالات الطبية وآخر ماتوصل إليه العلم والطب من هنا.
يمكنك التواصل معنا ومشاركة آرائك من هنا.