ما هو التصلب اللويحي المتعدد (Multiple Sclerosis (MS:
يعد التصلب اللويحي المتعدد أشهر الأمراض المعطِّلة العصبية التي تصيب الشباب البالغين خصوصاً في الأعمار بين 20-40 عاماً بنسبة إصابة للنساء تبلغ ضعف نسبة الإصابة للرجال، وهو مرض مزمن من أمراض المناعة الذاتية التي تصيب الجهاز العصبي المركزي عادةً (الدماغ والنخاع الشوكي).
يحدث التصلب المتعدد عندما يقوم الجهاز المناعي المدافع عن الجسم خطأً بمهاجمة غمد الميالين المحيط بمحاوير الخلايا العصبية، مما يؤدّي إلى إعاقة النقل بين الدماغ والنخاع الشوكي من جهة، وأعضاء الجسم المختلفة من جهة أخرى، وهذا ما يؤثّر سلباً على وظيفة تلك الأعضاء.
تعاريف أساسية لفهم المقال:
تكوين الخلية العصبية:
تتكون الخلية العصبية من ثلاث مكونات أساسية:
- جسم الخلية العصبية Soma: وهو الجزء الرئيسي من الخلية العصبية الذي يحتوي على مكوناتها الأساسية من النواة والميتاكوندريا وغيرها.
- التغصنات Dendrites: تخرج من جسم الخلية العصبية على شكل تفرعات شجرية، وتلتقط عادةً الإشارات من الخلايا العصبية الأخرى لتوجهها باتجاه جسم الخلية الذي يوجهها باتجاه المحوار Axon.
- المحوار Axon: يلتقط المعلومات من جسم الخلية وينقلها على شكل كمون كهربائي إلى الخلايا العصبية الأخرى.
يحاط المحوار عادةً بغمد الميالين Myelin Sheath الذي يعزل الخلايا العصبية كهربائياً عن بعضها، ويسرع النقل في الخلايا العصبية.
العوامل المؤهبة لحدوث التصلب اللويحي المتعدد:
هي مجموعة من العوامل التي إذا ماتواجدت في شخصٍ ما، ازداد خطر إصابته بالمرض، وتشمل:
- العوامل الوراثية: وتشمل العرق والجنس والتاريخ العائلي عموماً.
- العداوى الفيروسية: تمّ ربط المرض بعدد من الفيروسات، من أهمها فيروس إبشتاين-بار.
- العوامل البيئية: ومن أهمها التدخين والمناخ، لما لهما من تأثيرات استقلابية وكليّة على الجسم.
- الالتهابات: كالتهاب السحايا، والتي قد تسبب تمزّق الحاجز الدماغي الدموي Blood Brain Barrier (BBB) الذي يعزل الدماغ والنخاع الشوكي عن الجهاز المناعي، وبالتالي دخول الخلايا التائية إلى جوف القحف وتدميرها لغمد الميالين.
أنواع مرض التصلب المتعدد:
إن سير المرض عادةً ما يختلف من مريض لآخر، ممّا جعل توقع أعراضه صعبة لدى أي مريضٍ بعينه، عادةً ما تعتمد بداية وفترة الأعراض على نوع التصلب بذاته.
أنواع المرض تتضمن:
أولاً: التصلب المتعدد متكرر الانتكاس والخمود Relapsing-remitting MS:
في هذا النمط تظهر الأعراض على شكل هجمات، يمر المريض فيما بينها بفترة من التحسن والعلاج من أعراض الهجمة.
في هذا النوع، تسمى فترات ظهور الأعراض بالهجمات أو الانتكاسات أو التفاقم المرضي، بينما تسمى فترات التحسن بفترة الخمود أو الكمون.
يفصل بين كل هجمتين متتاليتين فترة زمنية غير متحددة من الخمود قد تتراوح بين بضعة أيام وبضعة سنوات.
عادةً ما يشخص معظم المصابين بالتصلب المتعدد بهذا النوع بداية.
ثانياً: التصلب المتعدد التقدمي الثانوي Secondary progressive MS:
المصابون بهذا النوع يكونون عادة قد سبق تشخيصهم فيما سبق بالنوع الأول، لكن المرض فيما بعد بدأ يتطور بشكلٍ تدريجي، بالإضافة إلى تقدمٍ ثابت للأعراض مع مرور الزمن، مؤديٍ إلى تراجعٍ متزايد في الحالة الصحية للمريض.
في حال لم يأخذ المريض أي خطوة لعلاج التصلب المتعدد، فإنه من المحتمل بشكلٍ كبير للنمط الأول أن يتطور للثاني.
ثالثاً: التصلب المتعدد التقدمي الأولي Primary progressive MS:
يعد هذا النمط أقل شيوعاً، وهو لا يتطور من النمط الأول، لكن يظهر من البداية على شكل تراجعٍ في الصحة العامّة وتطورٍ للأعراض.
رابعاً: التصلب المتعدد التقدمي متكرر الانتكاس Progressive-relapsing MS:
وهو الأكثر ندرة بين الأنماط السابقة جميعاً.
يحدث فيه تراجع للصحة العامة وتقدّمٌ للأعراض، مع احتمال حدوث انتكاساتٍ حادّة خلال فترة المرض.
يوجد أيضاً عدد من الأنماط الأخرى لكنها أقل أهمية بشكلٍ عام.
الأعراض المبكرة للتصلب اللويحي المتعدد:
- أعراض بصرية: قد تشمل الشفع (تضاعف الرؤية- أي رؤية جسمٍ واحد على أنه جسمين اثنين) أو تغيّم الرؤية، كما يمكن أن تشمل التهاب العصب البصري، الذي يسبب الألم مع خسارة سريعة للبصر وحركات عينية متعددة.
- أعراض عضلية: كالضعف العضلي في اليدين والقدمين، بالإضافة إلى صلابة العضلات والتشنجات العضلية.
- أعراض حسية: وتشمل الخدر أو النمل بالإضافة إلى الألم في أماكن مختلفة، وعادة ما لا يكون الألم هو أول الأعراض ظهوراً، إذ أنه يترافق مع التهاب العصب البصري وألم العصب مثلث التوائم.
- الرنح الحركي Ataxia: وهو صعوبة الحفاظ على التوازن في أثناء المشي.
- مشاكل أخرى مثل: صعوبة استمساك البول، والدوار.
الأعراض المتأخرة للتصلب اللويحي المتعدد:
- التعب الجسدي والعقلي المستمر.
- تغيرات المزاج: وتشمل الإحباط أو الألم النفسي بالإضافة إلى مشاكل ضبط الانفعال.
- مشاكل الإدراك والذاكرة: وتشمل صعوبة التركيز والتعلم والتفكير، بالإضافة إلى صعوبة القيام بالمهام المتعددة وإطلاق الأحكام.
مضاعفات التصلب اللويحي المتعدد:
- قد تكون التقلصات العضلية أحياناً قويةً بما يكفي للتلويح بالشخص وهو يمشي، كما أن الصلابة العضلية قد تزداد إلى الحد الذي تبلغ به الشلل التشنجي، لذا فإن استخدام الكرسي المتحرك بين المصابين بالتصلب المتعدد سواءً أثناء الهجمة الحادة للمصابين بالنمط الأول من أنماطه، أو مع مرور الزمن للمصابين بأحد الأنماط التقدمية يعد شائعاً، خصوصاً عند أولئك غير المتجهين للمعالجة.
- التهاب النخاع الشوكي العرضي Transverse myelitis:
تبدأ أعراضها عادةً بألم أسفل الظهر، ثم تتطور إلى الضعف العضلي والخدر والتنميل.
يتعافى المرء على الأقل جزئيا بعد مرور ثلاثة أشهر من الإصابة.
- الالتهاب النخاعي العصبي البصري Neuromyelitis optica:
حالة تترافق مع التهاب النخاع الشوكي العرضي والتهاب العصب البصري، يهاجم فيها جهاز المناعة بروتينات العصب البصري.
يختلف علاج هذه الحالة عن العلاجات المستخدمة في علاج التصلب المتعدد.
- ألم العصب مثلث التوائم Trigeminal neuralgia:
ألم مزمن يصيب الوجه يمتد على طول العينين والخدين والأسنان، يستهدف عادةً المصابين الأصغر سناً.
تشخيص التصلب المتعدد:
يبدأ التشخيص عادةً بالأعراض السريرية التي تقود نحو تشخيص مبدئيٍ للمرض، وذلك بالاعتماد على الأعراض والعلامات.
يستخدم الأطباء بعد ذلك عدداً من الفحوصات المساعدة على التشخيص، نذكر منها:
- التصوير المغناطيسي الوظيفي: إذ تظهر الاثار التنكسية على غمد الميالين.
- البزل القطني Lumbar puncture: من أجل تحليل السائل الدماغي الشوكي للكشف عن وجود حالة التهابية مترافقة مع المرض المناعي الذاتي.
علاج التصلب المتعدد:
لا يوجد علاج قطعي للتصلب المتعدد، لكن يمكن لعددٍ من الأدوية تخفيض شدة الهجمات الحادة، وتأجيل الآثار المرضية طويلة الأمد، ومن أشهر تلك العلاجات:
- الكورتيكوستيروئيدات: ومن أشهرها الميثيل البريدنيزلون المسرب بالوريد، مما يخفف من الآثار الالتهابية بعد وصفه من 3 إلى خمسة أيام.
- تبديل البلازما: وهو الحل الأخير عند المصابين غير المستجيبين للعلاج بالميثيل بريدنيزلون.
المصادر:
https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/multiple-sclerosis-ms
https://www.ninds.nih.gov/health-information/disorders/multiple-sclerosis
يمكنك قراءة المزيد من المقالات الطبية وآخر ماتوصل إليه العلم والطب من هنا.
يمكنك التواصل معنا ومشاركة آرائك من هنا.